مجموعة شبكات بشاير الزراعية الرقمية

صغار الصيادين على خريطة «التأمين».. الباحثون عن الرزق يلتقفون طوق النجاة القادم من القوى العاملة

منذ 3 سنوات

منظومة متكاملة لتحسين أحوال أبناء المهنة وتغطية تكاليف الحوادث والوفاة

50 مليون جنيه من الدولة لدعم 47 ألف صياد

مصر على أعتاب الاكتفاء الذاتى من الأسماك وأنجزنا 85٪ من المستهدف

هيئة «القناة» أنهت بناء 34 سفينة بتكنولوجيا متطورة لتحديد أماكن تجمع الأسماك

«الأهرام» تشد الرحال إلى موانى الصيد فى السويس وبورسعيد:

تدنى الإنتاج فى الشتاء وارتفاع التكاليف وزيادة أسعار شباك الصيد أهم المشكلات

ربما لم يلتفت إليهم أحد من قبل، يسألهم عن أحوالهم، ماذا يفعلون إذا شح الرزق أو انقطع فى أشهر الشتاء، أو أصابهم الكبر أو تعرضوا لحادث أقعدهم عن اقتحام البحر ورمى الشباك، أو جرفت الأمواج والرياح المركب الصغير إلى مياه دول الجوار؟


نحو 50 ألفا من صغار الصيادين على مستوى مصر لا يملكون سوى قوت اليوم بيوم، أزمتهم كعمالة غير منتظمة تسبق جائحة كورونا وتتجاوزها، هم فئة من المجتمع تحتاج إلى رعاية صحية واجتماعية ومادية، تؤمن لهم حياة مستقرة ومستقبلا مضمونا، ويبدو ــ على عكس المثل الشائع ــ أن الرياح ستأتى أخيرا بما تشتهى السفن، إذ جاء إعلان وزارة القوى العاملة مبادرة بعنوان «صيادى مصر» بمثابة طوق نجاة يضعهم على قائمة مسجلة ومعترف بها رسميا من الدولة وأجهزتها المعنية، تعترف وتقر بكونهم عمالة غير منتظمة، وتضمن لهم من خلال وثيقة للتأمين التكافلى حماية لهم فى حياتهم ولأسرهم بعد وفاتهم.


ماهى إلا أسابيع قليلة بعد إطلاق المبادرة، حتى كان وزيرالقوى العاملة قد أنجز عدة جولات فى محطات أساسية لتجمعات هؤلاء الصيادين، شملت مدن محافظة البحر الأحمر والسويس وبحيرة ناصر بأسوان وبحيرة مريوط بالإسكندرية ومحافظة بورسعيد، للوقوف على أحوالهم، والاستماع إلى مطالبهم.ونحن بدورنا قررنا أن نشد الرحال إلى محافظتى السويس وبورسعيد فى رحلة استهدفت لقاء هؤلاء الصيادين، والتعرف عن قرب على متاعبهم مع مهنة ورثوها ــ فى الأغلب ـ عن أجيال مختلفة من الآباء والأجداد، وبينما تشق السيارة سلاسل جبال البحر الأحمر كنت استعرض بمخيلتى الخطى الواسعة التى تخطوها مصر على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتى من الإنتاج السمكى، ووفقا لتقرير صادرعن هيئة الثروة السمكية، ستكون مصر قادرة خلال مدة زمنية لا تتعدى سنواتها أصابع اليد الواحدة، على تجاوز الفجوة الحالية بين الإنتاج والاستهلاك، حيث ننتج حاليا مليونا و920 ألف طن يأتى 80٪ منها من الاستزراع السمكي، و20 %من المصايد الطبيعية، ويشير التقرير إلى أن لدينا زيادة عن العام الماضى قدرها 100 ألف طن، ووفقا لما أعلنته «الزراعة»، فإن نسبة الاكتفاء الذاتي قد بلغت 85%، وأن محاور تنمية الثروة السمكية فى مصر تعتمد على بحيرات المنزلة والبرلس ومريوط والبردويل التى يتم تطويرها وتنميتها، إلى جانب التوسع في الاستزراع السمكى من خلال المشروعات القومية، مثل بركة غليون ومثلث الديبة وشرق التفريعة وشركة قناة السويس.


هذه المعلومات والأرقام ترتبط حتما بهدف الرحلة وبفكرة المبادرة، ألا وهى «الصياد»، الذى لايمكن إغفال دوره كأحد أضلاع منظومة الإنتاج السمكى.


رحلات الجمبرى مكلفة


تعتبر «السويس» قبلة الصيد فى مصر، إذ تضم صيادين من كل أنحاء الجمهورية، ومع بداية ظهور ملامح جبل عتاقة كان فى المقابل يظهر ميناء الأتكة القابع على رأس خليج السويس، حيث يتجمع الصيادون فى الفجر ليبدأوا مبكرا رحلة السعى على الرزق، ويعودون مع نهاية اليوم التالى، بينما قد تمتد رحلة البعض إلى ثلاثة أيام أو أسبوع، داخل الميناء كان أول لقاء مع عبدالعزيز عربى، والذى قال: أعمل بهذه المهنة منذ أكثر من 40 سنة، قضيت أغلبها سارحا فى البحر بالفلوكة ومعى 2 مساعدين، موضحا أن أيام الصيف تكون عادة أفضل فى الصيد، حيث يكون السمك قريبا من سطح البحر، فلا نضطر لبذل مجهود كبير حيث نصطاد ما بين 80 إلى 100 كيلوجرام، وبالتالى يقل استهلاك البنزين إلى نحو 20 لترا فقط، بعكس الحال فى الشتاء، حيث نضطر لأن نسرح طويلا وقد نصل لمنتجع الجلالة، فتستهلك الرحلة نحو 60 لتر بنزين، ولا يزيد ما نصطاده على 40 كيلو جراما، لذلك نحتاج مساعدة الدولة خاصة فى فترات التوقف والتى قد تصل إلى ثلاثة أشهر، حيث تمنع هيئة الثروة السمكية الصيد فى فترات نمو وتكاثر الجمبرى، وعلى الرغم من أننا نعتمد على الغزل والشبك الواسع «الماجه» الذى لا يؤثر على صيد الجمبرى، إلا أننا نلتزم بالقرار.


بينما يشير «على» الذى يمتلك عدة فلوكات يسرح بها ويساعده عليها بعض شباب الصيادين، بعضهم صيادى سنارة والبعض بكركبة (أداة صيد مثل الصنارة) والبعض الآخر صيادو جمبرى، إلى التكلفة المرتفعة لرحلات صيد الجمبرى، والتى تعد من أطول الرحلات حيث قد تصل إلى أسبوع، ويوضح أن تمويل فلوكة صيد الجمبرى يتكلف 6000 جنيه فى الأسبوع، لذلك نفضل أن نظل فى البحر أطول فترة ممكنة لتغطية التكاليف، ويتم تقسيم الرزق بين الصيادين على الفلوكة بعد خصم التكاليف.


ويقول إن بعض الصيادين للأسف يأخذون زريعة الجمبرى، ثم يعيدون إلقاءها فى مزارع الجمبرى وهذا يدمر ثروة البحر من الأسماك.


تمثيل الشباب أفضل


«الشباك» أصبحت غالية جدا علينا، حيث كان سعر الكيلو 60 جنيها وظل يقفز فى فترة وجيزة حتى أصبح 300 جنيه ! بهذه الشكوى بدأ «أحمد على» أحد الصيادين بميناء السويس كلامه، موضحا أن الصياد قد يحتاج لتغيير الشباك أكثر من مرة فى الأسبوع، وأنهم يستخدمون أنواعا مختلفة من الشباك ولكل نوع صياده المتخصص، فنجد أن صياد السنار يصطاد الأنواع الكبيرة مثل الشعور والمرجان واللوت، بينما يتخصص صياد كركبة فى السمك الصغير مثل الحفار والنقطة والدنيس والكابوريا، وكذلك الجمبرى له شباك خاصة، وأيضا لكل نوع من الشباك مراكب مخصصة، وتجارمتخصصون.


ويضيف: «جمعية الصيادين للأسف لا تهتم بصيادى المراكب الصغيرة، رغم أنها أكثر عرضة للتكسير والهلاك، ولا نجد لديها تعويضا فى هذه الحالة، كذلك نحتاج منها أن تساعدنا فى الحصول على الشباك الذى تبيعه بأسعار مخفضة، وأيضا نحتاج أن تسهم معنا فى تكلفة الآلة التى تساعد على تسيير المركب، والتى قد يصل سعرها إلى أكثر من 50 ألف جنيه.


ويقول: «رحلة الصيد بصفة عامة تكلفتها عالية على الصياد، خاصة أنه غير مؤمن عليه إضافة إلى ضعف خدمة المرافق فى ميناء السلخانة، وهو ميناء خاص بمراكب الصيد الصغيرة ، مطالبا بأن يقود الجمعية فى المرحلة القادمة شباب الصيادين لأنهم أكثر قدرة على التحدث عن احتياجاتنا.


يستطرد إن حرس الحدود يتابع معنا من خلال تحديد المدة التى نسرح بها فى البحر وعدد الأفراد على المركب، ويتم تحديد موعد التحرك والعودة على تصريح الدخول، وعند عدم العودة يتم الاتصال بهم وإذا فقدنا الاتصال لأى سبب أو تعطل المركب يتم المتابعة وإبلاغ الموانى.


تضييق مواقع ومناطق الصيد من المضايقات التى تحدث عنها بكرى أبوالحسن شيخ ونقيب صيادى السويس قائلا: «نواجه منع الصيد فى منطقة العين السخنة بالقرب من منشآت البترول، والسياحة، وخطوط الألياف وكابلات النت دون توفير البديل، وبالتالى يتم الصيد فى نطاق ضيق.


ويشير إلى أن عدد العاملين بمهنة الصيد بمحافظة السويس يتجاوز الـ 10 آلاف أغلبهم قادمون من محافظات كفر الشيخ وبورسعيد والبحيرة ودمياط، كما انتقد التلوث الذى تسببه بعض السفن المارة، عن طريق إلقاء مخلفاتها دون معالجة بيئية، أوإلقائها لمياه الاتزان التى قد تحوى بعض الهائمات والبكتريا بما يؤدى لقتل الأسماك، وبالتالى يضر بالثروة السمكية فى البحر الأحمر وقدرته على الجود بكميات وأنواع الأسماك المعهودة كالماضى .


ويطالب أبوالحسن الدولة بإنشاء صندوق لرعاية الصيادين أصحاب الفلوكات الصغيرة على غرار قانون التأمين على صيادى المراكب الكبيرة لحمايتهم وتحسين مستوى المهنة، خاصة فى فترات توقف الصيد، مضيفا أن من المشاكل التى تواجه الصياد أن بعض المراكب تجرفها الرياح بفعل التيارات البحرية، وقد تصل لإحدى شواطىء دول الجوار، وهناك تحتجز بما يعرض الصيادين للسجن.


ومما لاحظناه فى جولتنا بين الصيادين أن الملامح والوجوه لا تتناسب مع سنين العمر، وأن خطوطا عميقة من التجاعيد قد حفرت مكانها فى وجوه لا تتجاوز الخمسين من أعمارها، وهو مادفعنا لسؤال الدكتور محمود السعداوى أستاذ الصحة المهنية بكلية الطب جامعة الزقازيق، الذى أكد أن مهنة الصيد بالفعل تعرض صاحبها لبيئة قاسية من الرياح والبرودة وكذلك الحر وأشعة الشمس الحارقة، فضلا عن تعرضه شتاء لأمراض نزلات البرد المعوية والشعبية بأشكالها والسدة الرئوية بانواعها، وفى الصيف لأمراض الجفاف والحساسية الجلدية بسبب الحرارة، كما قد يصاب بأمراض شيخوخة مبكرة نتيجة للمجهود العالى وحياة البحر.


المنزلة .. بعد التطهير


بدأنا فى الاتجاه شمالا إلى بورسعيد حيث كانت قبلتنا التالية هى بحيرة المنزلة، والتى تعد من أكبر وأهم البحيرات الطبيعية فى مصر، وكانت معروفة بخصوبتها وغناها بأهم مقومات الثروة السمكية الطبيعية.، كانت أخبار مبادرة القوى العاملة قد ترامت إلى الأسماع هناك، حيث أعرب إبراهيم نوفل شيخ الصيادين بالبحيرة عن سعادتهم بالمبادرة على الأقل لضمان معاش مناسب.


وقال إننا نعانى كثيرا فى فصل الشتاء، الذى نعتبره فترة صعبة على الصيادين، حيث يقل السمك بنحو 60%، على الرغم من إننا نخرج للصيد 4 مرات أسبوعيا!


بينما يشكو العجمى سيد درويش الذى يعمل بالصيد منذ 50 سنة من أفعال الصيادين الذين يأتون من أماكن أخرى ولا يلتزمون بالضوابط والقرارات، فيقومون مثلا باصطياد الزريعة الأمر الذى يجعل كميات السمك تقل جدا فى البحيرة، كما يلجأون لاستخدام الكهرباء فى صعق الأسماك تحت ستار الظلام، وهذا خارج عن القانون، لذلك نريد تشديد الكمائن عند كوبرى اللانش، وأيضا فتح منفذ اللانش للصيد أواستبدال ذلك بإيجاد مرسى على المنفذ للصيد .


ويقول حمدى السيد عفيفى، إن الصيادين فى منطقة المطرية يصطادون أيضا باستخدام الصعق الكهربى مما يسبب هلاك الزريعة.


ويضيف: «نتمنى الانضمام للمبادرة، وكنا نعتبرها حلما ولا نصدق أنه أخيرا سوف يتحقق، حيث إننا لا نخضع للتأمين الصحى على الرغم من وجود أكثر من 500 صياد بيننا أعضاء بجمعية المنزلة ومعهم رخصة، مشيرا إلى أن الثروة السمكية تجدد، التصاريح سنويا بالنسبة لأصحاب المراكب وكل ثلاثة شهور للعاملين فوق المراكب .


خريطة علمية للصيد


زيادة الإنتاج السمكى ببحيرة المنزلة فى فصلى الصيف والخريف، وتراجعه فى فصلى الشتاء والربيع حقيقة علمية، فسرتها الدكتورة إلهام محمود على أستاذ علوم البحار والبيئة المائية بكلية الثروة السمكية بجامعة السويس: بأن الشتاء هو موسم التكاثر والتفريخ، فضلا عن صعوبة الصيد بسبب التقلبات الموسمية وتأثرها بالعوامل البيولوجية والطبيعية، حيث تختبىء الأسماك فى عمق المياه والطمى تحت النباتات المائية كبيرة الحجم مثل ورد النيل، أما فى البحر الأحمر، فتوضح أنها أسماك أعماق وبالتالى تتصف بخلوها من التلوث، وتتميز بتنوعها وكبر حجمها الذى يصل لأكثر من 10 كيلوجرامات، ولذلك ـ تضيف دكتورة إلهام ـ تم عمل مشروع «نافكوست» لمساعدة الصياد على اكتشاف المواقع الأكثر تجمعا للأسماك وتوقيتات الصيد المناسبة لكل نوع خاصة فى فترات صعوبة الصيد عن طريق الهاتف المحمول.


وتوضح د. إلهام باعتبارها المسئولة عن البرامج التدريبية بالمشروع، أنه تم تدريب 72 باحثا افريقيا لتطبيق نموذج المشروع فى دولهم وإنتاج خرائط الصيد البحرى بشكل دورى، مقترحة بأن يتم الاهتمام بأنواع أخرى من الأسماك أكبر فى الحجم وأعلى فى القيمة الاقتصادية مثل التونة التى يمكن تصديرها للخارج أو تصنيعها بالداخل لاستيعاب العمالة خاصة خلال فترات توقفهم عن الصيد .


ويشير الدكتور إسلام أبوالمجد أستاذ البيئة بالهيئة القومية للاستشعار عن بعد ورئيس مشروع «نافكوست» الذى يمول من الاتحادين الإفريقى والأوروبى، إلى استخدام صور الأقمار الصناعية لتحديد أماكن تجمعات الأسماك على مناطق السواحل الشمالية لقارة إفريقيا، حيث تم وضع نظام رقمى لتتبع الأسماك وتحديد أنسب المواقع ومواسم الصيد لكل نوع من الأنواع المهمة لكل دولة، وتقوم هيئة الاستشعار عن بعد وهى الجهة المسئولة عن المشروع، بإنتاج الخرائط التى تحدد مواقع انتشار الأسماك باستخدام صور الأقمار الصناعية وتحليل البيانات لإخراج الخرائط بشكل اوتوماتيكى منتظم.


تأمين لكل صياد


مزيد من التفاصيل حول مبادرة «صيادى مصر» يحدثنا عنها هيثم سعدالدين المتحدث الإعلامى لوزارة القوى العاملة قائلا: تقوم المبادرة التى أطلقتها الوزارة تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى لدعم صغار الصيادين على مستوى الجمهورية، على إنشاء بوليصة للتأمين ضد الحوادث والإصابات التى يتعرض لها ضمن منظومة متكاملة لتحسين مستوى معيشتهم، موضحا أن الوثيقة هى تأمين تكافلى لكل صياد باعتبارهم من أكثر الفئات احتياجا للرعاية، ولكونهم من فئة العمالة غير المنتظمة التي لها طبيعة خاصة وليست لها استمرارية في العمل، وتغطى الوثيقة ــ التى تتحملها حسابات رعاية العمالة غير المنتظمة بكل المديريات وتجدد سنويا ــ تكاليف الوفاة والعجز الكلى المستديم والعجز الجزئى الناتج عن الحوادث، وتكاليف العلاج والأجهزة الطبية، وأضاف أن الوزارة بصدد تكوين قاعدة بيانات للتعرف على طبيعة مشاكل الصيادين، وسوف يُطلق العمل بالوثيقة عقب الانتهاء من حصر وتسجيل الصيادين فى كل محافظة.


ومن جانبه يشير عادل عبدالفضيل عياد رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إلى أن اللجنة وضعت خطة عمل لإنشاء مظلة تشريعية لرعاية العمالة غير المنتظمة من خلال توفير تأمين صحى لها ومعاش، ومن المقرر تصنيف تلك العمالة بحسب الفئة.


بينما يؤكد عبدالفتاح محمد يحيى أمين سر لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أنه يتم دراسة إنشاء مشروع قانون لتوفير الحماية الاجتماعية الشاملة لتلك الفئات من المواطنين، وهو مقترح قدمته اللجنة لوزير القوى العاملة خاصة مع محنة كورونا التى أثرت بشكل سلبى على تلك العمالة ومنهم صغار الصيادين، بحيث يتم توفير وثيقة تأمينية لكل عامل، وإلزام كل صاحب عمل أو مقاول بتسديد تأمينات العمالة.


ويضيف: «بالرغم من أن الدولة قدمت بعض المساعدات لتلك الفئات فى شكل مبالغ تحملها صندوق تحيا مصر لكنها تعتبرمجرد «مسكنات» لاتصلح كعلاج جذرى .


أسطول قناة السويس


دعم شباب الصيادين وتوفير فرص عمل لهم بالمحافظات الساحلية كان وراء المشروع القومى لهيئة قناة السويس لبناء أسطول بحرى متطور، والذى يأتى أيضا تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى لإدخال الصيادين فى منظومة الدولة لتطوير تلك المهنة، حيث أوضح المهندس أحمد المحلاوى مدير المشروع، أن الهيئة تستهدف بناء 100 سفينة لفتح أبواب عمل لشباب الصيادين، حيث تم الانتهاء حتى الآن من بناء 34 سفينة كمرحلة أولى أى ما يعادل 35% من المشروع والذى يتم بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال، حيث وضعت الهيئة نموذجا لشكل السفن المزودة بسونار يحدد أماكن تجمعات الأسماك، وأخرى لتوليد الطاقة الكهربية وإنتاج الثلج المجروش ووسائل لتحلية مياه البحر بطاقة 1000 مترمكعب يوميا صالحة للشرب والاستخدام الآدمى، فضلاً عن أنظمة اتصالات وملاحة وأجهزة إنقاذ ومكافحة الحريق.


ويوضح أن مواصفات هذه السفن، التى يبلغ طولها نحو 24 مترا، وعرضها 7 أمتار، وعمق الغاطس 2.5 متر، بسرعة إبحار 10 عقدة وسرعة صيد 4 عقدة وحمولة 10 أطنان، للإبحار فى أعالى البحاربكفاءة عالية، حيث يتوفر بها أماكن لإعاشة أفراد أطقُم الصيد، ويضيف أن الشركة الوطنية للاستزراع السمكى سوف تتولى مسئولية إدارة هذا المشروع وتحديد آلياته .


100 مليون زريعة


هيئة الثروة السمكية هى الجهة المختصة بمتابعة ومراقبة وتنمية الصيد السمكى.. ووفقا لما أوضحه لنا الدكتور صلاح مصيلحى رئيس مجلس إدارة الهيئة، ومن واقع البيانات المسجلة بها يوجد لدينا 55 ألف صياد، و500 مركب بموتور و25 ألف مركب شراع، يتم متابعتهم من خلال 46 مكتبا للهيئة بموانى السويس والإسكندرية والطور بجنوب سيناء والبحيرة وبورسعيد والغردقة لمباشرة إصدار التصاريح والتراخيص وتحديد قواعد وضوابط الصيد فى إطار منظومة حماية الثروة السمكية ومحاربة الصيد الجائر.


ويوضح أن الهيئة تضخ زريعة فى البحيرات والنيل، تصل لنحو 100 مليون، ولكل نوع من الأسماك توقيت فى التفريخ، ويتم ذلك فى فترات الشتاء والربيع حيث تنتج كل سمكة نحو 600 زريعة، وبعضها يصل إلى ما بين 1000 و 2000، وهذا يتوقف على طبيعة الظروف الفيزيقية والبيولوجية للمياه.


يردف أن عمليات الصيد تزعج السمك، مما يجعلنا نمنع الصيد فى تلك الفترات سواء فى البحار أو البحيرات أو نهر النيل، خاصةً فى الأماكن الضحلة بالبحار والتى تتم فيها عملية التفريخ، مضيفا: «لدينا الآن مفارخ فى السويس وبورسعيد، وأخرى كبيرة تحت الإنشاء، حيث ان استيراد الزريعة أدى لنفوق كميات كبيرة من الأسماك لاختلاف البيئة البيولوجية.


ويوضح أنه خلال فترة التوقف عن أعمال الصيد يقدم دعم للصيادين بالتعاون مع وزارة التضامن من خلال مبادرة قُدرت بنحو 50 مليون جنيه، شملت 47 ألف صياد وهى فى شكل مساعدات عينية كتقديم شباك وبدل وأحذية واقية .


ويضيف أنه بالنسبة لتصدير أسماك التونة فإن عملية صيد هذه النوعية تتم وفقا لضوابط هيئة (إيكات) الدولية ومقرها إسبانيا، وهى التى تحدد الكميات المقررة لكل دولة اصطيادها، وحصة مصر 320 طنا سنويا، ويكون موسم الصيد فى الفترة من شهر أبريل حتى يونيو، مشيرا إلى أن مصر بصدد إنشاء مزرعة للتونة، بعد الحصول على موافقة «إيكات»، لزيادة الأوزان الحالية من 40 أو60 كيلوجراما والتى يمكن أن تصل إلى 500 كيلوجرام، مما يترتب عليه إنشاء مصانع للتعبئة وتوفيرفرص عمل .


أما بالنسبة للشكاوى حول منع الصيد بالقرب من أماكن استخراج البترول يوضح أن ذلك حماية لهم، وكذلك لضمان جودة الأسماك وحماية صحة المستهلك، لافتا إلى أن هناك قواعد وضوابط للصيد فى المياه الأقليمية لدول الجوار يجب الالتزام بها واحترامها.


وقال إنه وقع الاختيار على 9 أماكن فى البحر الأحمر و21 بالبحر المتوسط، ضمن خطط التوسع فى الاستزراع السمكى فى الأقفاص، وهى مشروعات يمكن إشراك الصيادين فيها، وبالنسبة للبحيرات فالهيئة لديها خطة، وفقا للمشروع القومى لتطوير بحيرات مصر والذى أطلقه الرئيس السيسى بتكلفة 100 مليار جنيه، حيث بدأت الدولة فى تنفيذه بالفعل لتعميق البحيرات ومنها المنزلة، وإزالة الترسيبات وتنظيف الأعماق وخلق بيئة مناسبة لتفريخ الأسماك.